محمد صبحى : عمري ما كان قصدي أقدم فن محترم!!
مشواري كان سهلا ولكنى الآن أسبح ضد التيار!
اشتغلت 7 سنين كومبارس ..لكن دلوقتي الممثل بإفيه يبقي نجم !
حوار:محمد فتحي
تصوير:محمد عمر
الأثنين 1 / 2 / 2010
انطلق في طريق الشوك شامخ الرأس عالي الجبهة.. كلمة كتبها منذ أكثر من 40 عاما وسار عليها حتي الآن ويراها تعبر عن مشواره مع الفن الحافل بالاعمال التي يري أنه من خلالها استطاع ان يغير في المجتمع ايجابيا .. محمد صبحي الجوكر صنع لنفسه تيارا خاصا لايعرفه غيره مما جعله الآن يسبح ضد التيار. جدو صبحي ذلك اللقب الذي جعله أسعد إنسان في الدنيا يحدثنا عن الماضي ويقول وجهة نظره في الحاضر ورؤيته للمستقبل .. فتابعونا.
مشوارك مع الفن يصل هذا العام الي 40 سنة .. ماذا تقول عنه؟
لو قلت إنه كان صعبا يبقي لم أحقق أي نجاح, ولكن لأني حققت الكثير فأنا لا أراه كذلك وطول عمري أسير بمبدأ (لايصح إلا الصحيح), فأنا عندي هدف أن أصنع تيارا أو أقدم مسرحية ناجحة, أو أي عمل فني ناجح, فما فعلته في الأربعين عاما أني صنعت تيارا التف حوله الناس, ولكن بشكل عام نجاحي جعلني أري أن مشواري سهل.
ولكن في 40 سنة الدنيا اختلفت وأنت في نفس التيار؟
أعرف أني أسبح ضد التيار لأني مش بعرف أعمل غير كده, ولكن الآن لايوجد تيار, فأنا بسبح حاليا في مجري مائي بلا مياه وكله طين.
ولماذا تري أن الأمور الآن أصعب من قبل؟
فعلا بالنسبة لي الأمور أصبحت صعبة في كل حاجة, فهناك عدة متغيرات وأزمات عالمية بجانب أزمات ومتغيرات داخلية أثرت علينا, ولانستطيع أن نفصل قضية الفن أو المسرح عن باقي عناصر المجتمع, فلا ينفع أن يكون هناك سياسة مرتبكة أو تعليم فاشل ويكون فيه مسرح جيد, ولاينفع أن يكون الاقتصاد منهارا وفيه مسرح, فكل تلك الأشياء مرتبطة ببعضها, لذلك نجد المسرح سيئا, بجانب السينما ومايقدم فيها, والكليبات الفاضحة, والأغاني المسممة, فهي ثقافة شاملة.
مارأيك فيما يقال بأنك ـ مع قلة ـ تقدم فنا راقيا ومحترما وله جمهور خاص؟
أتضايق جدا عندما أسمع أحدا يقول إن محمد صبحي يقدم فنا محترما أو راقيا كما لو كان هذا أعجوبة أو أني صاحب فضل, فأنا طوال حياتي لم أتعمد أن أقدم فنا محترما لأني أمارسه ولا أعرف غيره, فلازم الأعمال يكون فيها متعة فكرية ووجدانية وإلا فلا تكون فنا, كما أنه ليس لي جمهور خاص ولا أتعمد ذلك, اذ يهمني أن أقدم أعمالي للمجتمع بكل فئاته.
وما الذي خرجت به من عالم الفن بعد تلك السنوات؟
شعوري هو أنني لم أهدر تلك السنوات التي مرت كالثواني وقد تكون مليئة بالانتصار والهزيمة والمعاناة والألم والسعادة, في 40 عاما حملت وتحملت رسالة طويلة لم أقصر فيها تجاه جمهوري, وأعتقد أنه رد هذا الاحترام باحترام متبادل, وأنا راض تماما عن مشواري, وأعتقد أنني أستطعت أن أحقق جزءا من أحلامي وأوصلت للمجتمع ما أريد أن أقوله.
أوصلت للمجتمع ماتريد أن تقوله ولكن هل غيرت فيه شيئا؟
أعتقد أني استطعت ذلك فمثلا لما عملت سنبل بعد المليون, وبعد 10 حلقات فقط قابلت الرئيس مبارك, وثاني يوم اتكتب في الجرايد سنبل يغير 17 قانونا بشأن تملك الصحراء, وعندما أجد أن أصحاب عربيات الحنطور في أسوان والأقصر والزمالك نفذوا مشروع البامبرز الذي طرحته في سنبل كوجه حضاري, فهذا يمثل لي تفاعل المجتمع مع أفكاري, وهناك شباب كثيرون توجهوا للصحراء وزرعوها وعاشوا فيها بدلا من السفر للخليج, وهذا جعلني عندما فكرت في عمل مسرح أو مكان ثقافي أن أعمله في الصحراء, وعندما أجد حارة في الجيزة وفي امبابة أرسلوا لي دعوة لافتتاح حارة فأكتشف أنهم كانوا يقلدون ما قدمته في ونيس, فكل هذا شيء يفرحني, وماما أمريكا والتي قدمتها سنة 1994 كانت تري ماحصل في 2001 وهو تهمة امريكا للعرب بالإرهاب فأقصد أن أقول إن الفن ايضا عنده الحاسة السادسة, وقيسوا علي ذلك في بقية الأعمال, فأري بالفعل أني استطعت أن أقدم رسالة للمجتمع من خلال أعمالي.
ما رأيك في النجومية التي عاصرتها والنجومية الآن؟
أنا اشتغلت 7 سنين كومبارس وحتي وأنا في المعهد كنت أقدم أدوارا ثانوية وأقول جملة أو جملتين في العمل, وعملت أدوارا ثانية وثالثة, وفين وفين لغاية ماعملت مسرحيات بطولة, وكل خطوة كانت تزكيني عند الناس, ولكن الآن الممثل ممكن بمسرحية أو بإفيه في فيلم يبقي بطل ونجم, ولو حصل عكس هذا يبقي فيه حاجة غلط, فالنجومية الآن أصبحت سريعة لأن الجمهور يستهلك النجوم كموضة وتنتهي لذا اكره كلمة نجم واعتبر نفسي فنانا فقط.
ومارأيك في تلاميذك الذين تخرجوا من تحت يديك؟
كنت مدرسا في المعهد عام 1984, فخرجت 28 دفعة, والذين تخرجوا في المسرح وأصبحوا نجوما 274 ممثلا وممثلة, وفيه منهم من يمتثل حتي الآن لمبادئي ومثلي, وقليل منهم خرج عن هذا السياق ويشوف حياته.
أنت جوكر في أعمالك مابين التمثيل والتأليف والإخراج وهذا يثير ضدك الكثير من النقد؟
بعض الجهلاء يناقشون هذا الموضوع غلط, ويسألون لماذا أؤلف وأمثل وأخرج رغم ان المنطقي ان الناس تسأل هل العمل جيد أم لا كما أن دراستي كانت هكذا, فأنا مش فران, فأنا درست الإخراج والسيناريو, وساعات بيكون عندي فكرة لايستطيع أحد أن ينقلها بحواسه مثلي, فأحيانا يكون فيه لسعة أو كورباج معين أريد أن أوصله, وفيه أعمال كثيرة كتبها غيري وأنا أخرجتها, ولكن من ساعة ماعملت فرقتي سنة 1970 وأنا بقول أنا لا أقدم أعمالا ناجحة ولكني أقدم خطوات مواكبة لبعضها تؤدي الي سلم يوصل لاتجاهي.
نتوقف عند احفاد ونيس فلأي مدي تشعر بنجاحه؟
البعض قال إنه عمل فشل في فرض نفسه وسط المسلسلات ورددت بسخرية أني انصدمت في المسلسل, لأنه كان ينقصه أشياء كثيرة جدا, فلم يكن به قتل ولا مطاوي ولا رشاشات ولا مخدرات ولا دعارة, ولذلك فشل, ولكن الحقيقة أن المسلسل نجح بشكل كبير, والتفت حوله الأسرة, ليس في مصر فقط, ولكن أنا كنت في الأردن وفرنسا ووجدت أن الأسرة العربية التفت حول المسلسل بشكل كبير, وتلقيت كما كبيرا من الرسائل بعد عرضه, وعرفت لأي مدي الناس اتبسطت عندما وجدوا المعالجة بهذا الشكل.. فأنا دائما أراهن علي جمهوري, والحمد لله كسبت الرهان.
وهل ستقدم جزءا آخر للمسلسل؟
فعلا يوجد الجزء السابع, ولكن لن استطيع تقديمه هذا العام, لأن كتابة المسلسلات من هذا النوع مسألة صعبة, ومحتاجة لوقت كبير, وخصوصا أن التصوير سيكون خارج البلاتوه.
معني ذلك أنك لن تتواجد العام القادم علي شاشة رمضان؟
طبعا, لأني سأعود للمسرح إن شاء الله, حاليا أحضر لتقديم مهرجان المسرح للجميع الثاني, فأنا قدمت في الأول مسرحيات لعبة الست وكارمن وسكة السلامة, والمفروض كان فيه مسرحية رابعة اللي هي ملك سيام ولكن المسرح أخذ مني قبل أن أقدمها, وسأقدم هذا العام مسرحيات غزل البنات, ملك سيام, خيبتنا, وهناك مسرحية أخري.
بالرغم من عشقك للمسرح فإنك ابتعدت عنه خمس سنوات.. فماذا حدث؟
في السنوات الخمس حفيت علي مسرح استأجره, فهناك 28 مسرحا اختفت من الخريطة, وتحولت لمول أو مخزن أو سينما أو جراج, وكل من لديه مسرح قفله, فلا يوجد الآن سوي مسرحيات عادل إمام وسمير غانم, والمسرح يشتغل يومين في الأسبوع فقط وهذا لا يمثل حركة مسرحية نهائيا.
وهل تري أن هناك أزمة في الحركة المسرحية في مصر؟
لا توجد أزمة لأن المسرح مات أصلا, وأصبحنا في حاجة لجسد وروح أخري تبعث حتي نستطيع أن نعود بالحركة المسرحية كما كانت من قبل.
ولكن الجمهور نفسه اختلف وأصبحنا جمهور سينما.. فهل تري أن الجمهور من الممكن أن يعود للمسرح لو عادت اليه الروح؟
بالتأكيد, فالشباب الآن يفرغون كل طاقاتهم في مباراة كرة قدم كما رأينا, كما لو كان الإنجاز الوحيد الذي نحققه هو كرة القدم,ولكن من قبل كان فيه كرة ومسرح وسينما وموسيقي وباليه, فكانت هناك حركة ثقافية موجودة, فعندما تتلخص في الكرة فقط نلاقي الناس لا تهتم إلا بها, ولكن أنا عن نفسي عندي ثقة في جمهوري الذي أقابله كثيرا ويقول إحنا بطلنا نذهب للمسرح وننتظرك, فهذا يمثل ثقة في, ويؤكد أنهم علي استعداد للعودة للمسرح بشرط أن يكون هناك مسرح بجد.
سمعنا عن مسلسل عن نجيب الريحاني.. فماذا عنه؟
كان موجودا من أربع سنين ولكن المشروع توقف ولم يكتمل, ولكني أتمني أن ينفذ.
هل اسقطت السينما من حساباتك نهائيا؟
أنا بعيد عن السينما منذ حوالي 20 سنة وأخذت هذا القرار واتضح لي أني كنت صح حيث وجدت نفسي لم أخسر أي شيء, فما كنت أريد أن أوصله للمجتمع كنت أوصله عن طريق التليفزيون والمسرح.
وما رأيك في الكوميديا التي تقدم في مسلسلات الست كوم؟
معظمها لا تمت للكوميديا بصلة, فهي مجرد أعمال يغلب عليها التهريج, ماعدا راجل وست ستات, فيجب أي تكون فيه فكرة تخرجها المواقف, وهذا ليس موجودا في أغلب ما يقدم, ومعظمها لا يضحك.
نعرف أنه يوجد لديك عروض لتقديم برامج.. فهل مازلت مصرا علي عدم تقديمها؟
فيه فعلا محاولات كثيرة من قنوات عديدة, وجلسنا مع بعض, وعملنا إعدادا ولكني أتردد دائما في ذلك, وأرفض جدا, فأنا ممثل وبداخلي 5% محاور, فلا أستطيع أن ألغي 95% وأعتمد فقط علي 5%.
وما رأيك في اتهامك دائما بأنك المخرج الديكتاتور؟
أحب الانضباط والنظام واحترام العمل, ولو كانت هذه ديكتاتورية فأهلا بها, ولكني لست ديكتاتورا, ولا أنفرد بالرأي أبدا, وكل من يعمل معي يلمس بنفسه مدي ديمقراطيتي في اتخاذ القرار حتي نقدم عملا ناجحا في النهاية.
كثير من الفنانين رفعوا أجورهم.. فماذا عنك؟
لم أهتم بالأمور المادية في حياتي, ولم أرفع أجري منذ 6 سنوات, علي الرغم من أن هناك من رفع أجره كثيرا, وأنا أخاف علي المسلسلات من الحالة الاقتصادية الشرسة التي قضت علي المسرح, وأتمني أن يأخذ الممثل ما يستحقه مع مراعاة أننا مقبلون علي أزمة حقيقية ستؤثر علي مستقبل الفن.
ماذا عن أحفاد جدو صبحي؟
أجمل إحساس في الدنيا أعيشه وسط أحفادي, وأجمل لقب أحصل عليه طوال حياتي هو لقب جدو صبحي, وفعلا أعز من الولد ولد الولد حقيقة, لأني كنت أربي أولادي وأنا خائف عليهم لأنه لا يوجد أحد غيري يربيهم, أما أحفادي فهناك من يربيهم, فأنا بدلعهم ويحبونني جدا, فأنا عندي عائشة وليلي ابنتا كريم, وحفيدي علي ابن مريم, وهو يحب عزف الجيتار, ودائما يحدث حوار بيني وبينهم, وآخذهم إلي المكتب وأكلمهم بالفصحي, فالدراسة والتعليم لا يعلمان لغة عربية, فأكلمهم بلغة عربية صعبة, وهم يكلمونني بالفصحي وأعمل نفسي مش فاهم, فهذه حدوتة بيني وبينهم وشيء ممتع.
وما هي علاقتك بالفيس بوك؟
فيه مجموعة من الأشخاص الذين يحبونني عملوا لي جروبا اسمه محبو محمد صبحي, أعشق الدخول عليه وأتابع فيه كل أخباري, ويضم كل من يحبني وبه توثيق عبقري لي ولأعمالي, ولكن في نفس الوقت فيه شخص يدعي أنه محمد صبحي ويرد علي الناس, ولكن لست أنا, لأنه لا يوجد وقت لأرد علي الناس.
بعد 40 سنة فنا.. ما هو حلم محمد صبحي؟
أحلامي كثيرة لم ولن تنتهي, ولكن فيه حالة إحباط عامة موجودة, ولذلك الحلم يتأرجح, ولكن أهم حلم عندي إن مصر تؤمن بالفن علي أنه ثروة أغلي بكثير من البترول, وأحلم بأن يكون المسرح في كل مدينة في مصر بما لا يقل عن 50 مسرحا, ويكون سعر التذكرة 5 جنيهات, وأحلام كثيرة أخري لي ولأسرتي.
حوار هذا الشهر من مجلة الشباب